السبت، 18 أبريل 2015

مصر" من 1570 ق.م الى الاسكندر "

 يبدأ تاريخ المملكة الحديثة في مصر (1570؟-1085ق.م) بانتصار قوات طيبة على حكام مصر الهكسوس . امتدت امبراطورية مصر الحديثة من السودان الشمالى حتى سوريا . مشكلة احدى القوى الرئيسية في العالم القديم . رفع امون معبود طيبة الى رتبة معبود المملكة واعتبر واحدا مع المعبود الشمس رع تحت اسم امون رع ملك المعبودات (3) . وكان قسم كبير من الثروة التي دخلت مصر نتيجة لفتوحاتها ينفق على خدمة امون وكهنته .
  توطيد السلطة المصرية 
  حرص الملوك الاول من الاسرة الثامنة عشر على حماية مصر من هجمات البدو في الشرق , والنوبيين في الجنوب . لكنهم , بعد تأمين سلامة التخوم الشرقية , جهزوا عدة حملات للسيطرة على مملكة النوبة في الجنوب , والاستيلاء على مناجم الذهب فيها .
  كان عدم وجود ورثه ذكور للعرش بسبب زواج الملك من شقيقته قد قوى نفوذ الوريثات الملكيات , كانت احداهن حتشبسوت ( حكمت 1503 ؟ - 1482 ؟ ق.م ) زوجة تحتمس الثاني واخته من احد والديه , التي لم تحمل له مولودا ذكرا . ولدى وفاته , نصب على العرش ابن احدى المحظيات , وهو تحتمس الثالث ( حكم 1504؟ - 1450 ق.م ) الذي كان من المفروض ان يتزوج من اخته , الا ان زوجة ابيه حتشبسوت استولت فيما بعد على العرش لنفسها وحكمت بجانب تحتمس الثالث الذي حرم من ممارسة اي سلطة حقيقية .
  وعندما توفيت حتشبسوت , تسلم تحتمس الثالث مقاليد الحكم الفعلي , وباشر فورا بتجريد حملات لاخضاع الممالك الصغرى في فلسطين ومعظم انحاء سوريا . كذلك اتم فتح بلاد النوبه حتى بلدة نباتا , وواصل خلفائه المباشرون سياسته التوسعية .
  في عهد امنحوتب الثالث ( حكم 1417 - 1739 ق.م ) , بلغ البلاط المصري ذروة نفوذه , وراح يتلقى الجزية او السلع التجارية من سوريا وبلاد ما بين النهرين والاناضول وكريت وحتى اليونان . وقد حور ابنه امنوحتب الرابع او اخناتون ( حكم 1379؟ - 1362 ق.م ) الديانة المصرية بفرضه العبادة للمعبود الشمس المتمثل في اتون , اي قرص الشمس , ونقل العاصمة الى مدينة اخت اتون الجديدة ( تل العمارنة ) . لاقت سياسة اخناتون معارضة شديدة من قبل كهنة المعبودات القديمة , وادت الى الفوضى الداخلية والى تقلص نفوذ مصر في الخارج , الى ان تخلى خلفاؤه عن معتقداته , واعيد الامن الى نصابه في عهد حورمحب .
  لدى وفاة حورمحب , انتقل العرش الى وزيره رعمسيس الاول ( حكم 1320؟- 1318 ق.م ) الذي اسس الاسرة التاسعة عشر ( 1320؟- 1200 ق.م ) 
  المجابهة مع الحثيين
  كان هدف الحكام في هذه الحقبة اعادة توطيد سلطة مصر ونفوذها في الخارج , وتثبيت سيطرة مصر على فلسطين , وذلك لمواجهة تزايد قوة الامبراطورية الحثية . ادى تنافس هاتين الدولتين الى صدام كبير بينهما , وقع في السنة الخامسة من حكم رعمسيس الثاني ( حكم 1304 - 1237ق.م ) (8)
في بلدة قادش , حيث ادعى كل من المصريين والحثيين انه هو المنتصر . الا ان الصلح لم يلبث ان عقد بين الطرفين .
  في عهد خلفاء رعمسيس الثالث الذين كانوا يدعون رعمسيس ( اي اولاد رع ) , اخذت سلطة العرش بالتدهور في وجه الغزوات الليبية وتزايد سلطة الحكام المحليين , لا سيما سلطة كاهن امون العظيم في طيبة , الى ان فقدت مصر ممتلكاتها الاجنبية في فلسطين وبلاد النوبة , في اواخر حكم الاسرة , ووقعت هي نفسها تحت سيطرة حكام اجانب , وفي عهد الاسرة الواحد والعشرين التي حكمت البلاد من العاصمة الشمالية تانيس , كانت طيبة مستقلة فعليا في ظل كبار كهنتها , الى ان اعاد الى مصر وحدتها القائد الليبي شيشنق الاول ( حكم 935؟ - 914 ق.م ) , مؤسس الاسرة الثانية والعشرين الذي نصب ابنه كبير لكهنة امون , وعمل على توطيد سلطة مصر كدولة عظمى , بتجريد حملة كبرى على فلسطين . لكن في عهد خلفائه , عادت وحدة البلاد فتصدعت بسبب الحروب الاهلية , وانقسمت مصر الى مدن - دويلات سيطرة حكام مستقلين , معظمهم من اصل ليبي . اخيرا نشأت مملكة مستقلة في بلاد النوبة الى الجنوب , وفتح ملوك النوبة مصر حوالي 712 ق.م واسسوا الاسرة الخامسة والعشرين .
  قضي على الحكم النوبي في اعقاب سلسلة من الغزولت الاشورية التي ادت الى تنصيب امير سايس حاكما اسميا على مصر . وبمساعدة المرتزقة اليونان , استطاع بسامتيك الاول ( حكم 664 ؟ - 610 ق.م ) , من الاسرة السادسة والعشرين , لن يفرض سلطته على البلاد بأسرها , ويحررها من السلطة الاشورية .
  الهزيمة على يد بابل وفارس 
  تميز عهد الاسرة السادسة والعشرين ( 670-525 ق.م ) بفترة جديدة من الرخاء . الا ان امال مصر بأستعادة مكانتها كدولة عظمى منيت بالفشل على يد البابليين , في معركة قرقميش عام 605 ق.م . وفي اخر الامر , استولى الفرس عام 525 ق.م . على مصر . ومع ان الثورات اللاحقة اعادت لمصر استقلالها فترة وجيزة بين 404 و 343 ق.م , فقد بسط الفرس سيطرتهم عليها من جديد , حتى مجئ الاسكندر الاكبر عام 332 ق.م .


     
  

(1) كانت المعابد المصرية تتبع تصميما واحدا , بمكن رؤية ذلك بوضوح في المعبد الصغير للمعبود خونس , داخل مجمع هيكل الكرنك في طيبة . كان مدخل الهيكل يؤدي من خلال بوابة (1) الى ساحة مكشوفة (2) تحيط بجانبيها اعمدة , بالقرب منها على محور مستقيم , كانت تقوم قاعة ذات اعمدة (3) تؤدي الى الحرم (4) الذي وضع فيه صنم المعبود , وكانت غرف الخدمة والمستودعات تحيط بالحرم . لما كان كل ملك مصري يحرص على تخليد ذكره من خلال المشاريع العمرانية , كانت الهياكل الرئيسية معرضة دوما لاعمال توسيع وهندسة جديدة , بأضافة مزيد من الغرف الى البناء الاصلي 
(2 ا ,ب) لا يستحق توت عنخ امون , كملك , اي شئ من الشهرة التي يتمتع بها اليوم , وانما جاءت شهرته من العثور على مدفنه كاملا بموجوداته الاثرية الثمينة جدا , وهذا الكنز المؤلف من عقد نقشت عليه رموز شمسية وقمرية (ا) ومن قلادة تمثل الشمس الطالعة (ب) , هو من جملة ما عثر عليه في ذلك المدفن . اعتلى توت عنخ امون العرش وهو فتى نتيجة لزواجه من ابنة اخناتون ووريثته . امام الضغوط السياسية , تخلى عن ديانة اخناتون , وهجر تل العمارنة عائدا الى طيبه , واعاد عبادة امون وسواه من المعبودات 


(3) كانت عبادة امون قد طغت على العبادة القديمة لرع معبود الشمس , الى ان حاول اخناتون مكافحة عبادة جميع المعبودات , باستثناء رع . كان المعبود الشمس هذا يتمثل على صورة اتون ( او قرص الشمس ) الذي تتضرع اليه في هذه الصورة الملكة نفرتيتي .





 (4) في مقابر المملكة الحديثة كان يودع " كتاب الموتى" .
 (5) كان اقتصاد مصر زراعيا , وكان معظم الناس يعملون في الحقول . نظربا . كان الملك يملك جميع الاراضي , لكن من الناحية العملية كانت الطبقات الحاكمة ورؤساء المعابد يملكون اقطاعات واسعة , كما كان عدد محدود من المزارعين يملك قطعا صغيرة من الاراضي الزراعية .
(6) تعكس القبور المزينة تزيينا رائعا , والتي تعود الى المملكة الحديثة في طيبة , الحياة التي عاشها المصريون من جميع الطبقات . كان الاعتقاد سائدا ان هذه المشاهد يمكن اعادتها الى الحياة بصورة سحرية , بحيث لا يكون الميت مجردا من ممتلكاته ولذاته لدى دخوله العالم الاخر .
(7) صد رعمسيس الثاني في اواخر عهد المملكة الحديثة هجمات " الشعوب البحرية" بما فيهم الفلسطينيون القدماء , وربما ايضا اجداد الصقليين .
(8) ضمن رعمسيس الثاني بقاء ذكراه بفضل مشاريعه المعمارية الضخمة . فقد اضاف القاعة ذات الاعمدة الى معبد امون في الكرنك , وانجز زيادات اخرى ( بما في ذلك هذا التمثال الضخم الخاص به ) في معبد الاقصر . وعلى الضفة الغربية , بنى في طيبة معبده الدفني , المعروف بالرعمسيسي . ومن اجل ملكته المحبوبة نفرتاري , بنى ضريحا مزينا برسوم رائعة في " وادي الملكات " . شيد ايضا في بلاد النوبة معبد " ابو سمبل " العظيم , فضلا عن معابد اخرى في اماكن شتى من مصر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق