يوسف في مصر كان العبرانيون القدماء رحلا , ويشير التاريخ الى هجرة ابراهيم من بلاد ما بين النهرين الى الجزيرة العربية حيث بنى مع ابنه اسماعيل , الكعبة , ثم رحل الى ارض كنعان , ( فلسطين ) . كان يوسف هو الابن الحادي عشر ليعقوب حفيد ابراهيم , وتروي الكتب المقدسة كيف ان ابناء يعقوب الاخرين باعوا اخاهم يوسف رقيقا لتجار اخذوه معهم الى مصر , حيث وصل الى مركز رفيع في الدولة . اقام يوسف وورثته من بعده في مصر لعدة اجيال , ثم قاد موسى احدى قبائل العبرانيين الى فلسطين في اواخر القرن الثالث عشر ق.م . وتاريخ هذا "الخروج" غير ثابت , ولكنه حدث على الارجح في اواخر القرن 13 ق.م . وقد هرب بهم عبر الطرف الشمالي للبحر الاحمر الى الصحراء , ووقفوا عند جبل سيناء او حوريب . والشريعة التي انزلت على موسى في جبل سيناء تلخص تقليديا بالوصايا العشرة التي يقال انها نقشت على الحجر وحفظت فيما بعد في "تابوت" او صندوق هو " تابوت العهد " . لكن "شريعة التوراة" الاطول والمؤلفة من "خمسة اسفار" تنسب الى موسى نفسه ايضا , وان سجلها الاحبار بعد القر السابع ق.م . اهم ملوك اسرائيل اعتبر داود دوما عبرانيا مثاليا , يأتي في المرتبة الثانية بعد موسى . وكان اداريا بارعا ( 1) وشاعرا , حتى انه نسبت اليه كتابة عدد من المزامير . بعد وفاة سليمان طفح كيل النقمة , فانقسمت المملكة , التي لم تدم سوى مائة سنة , بصورة نهائية الى قسمين . احتفظ ابن سليمان الضعيف , رحبعام , بالقسم الجنوبي من المملكة المحيطة باورشليم فقط في مملكة عرفت بيهوذا . بينما انفصل عنه , في منطقة الجليل , السامرة , اخوه يربعام على رأس 10 قبائل ( اسباط ) مؤسسا المملكة الشمالية التي دعيت اسرائيل . وكان للمملكتين معبدان متنافسان في دان وبيت ايل . شهدت القرون التالية نزاعا مستمرا بين مملكتي يهوذا واسرائيل , الى ان تم تدمير المملكة الشمالية على يد سرجون الثاني ملك اشور عام 721 ق.م وتشتت اسباطها العشرة بلا رجعة . تميز تاريخ المملكتين العبرانيتين باختلاف تام في نوع الحياة الاقتصادية لكل منهما , وبتأثر كل منهما بالحضارات المجاورة الكنعانية والفينيقية والمصرية . يجدر بالذكر كذلك ان اشهر ملوك اسرائيل واسمه عمري ( 885 874 ق.م ) كان من اصل عربي نبطي , وهو الذي بنى السامرة عاصمة له . بعد زوال مملكة اسرائيل , استمرت مملكة يهودا في الوجود 125 عام , لكنه كان وجودا شكليا خضعت خلاله دوما لنفوذ الممالك المجاورة , مثل فراعنة مصر وملوك اشور , حتى سقطت اخيرا تحت ضربات ملك بابل ( نبوخذ نصر ) الذي سبى معظم زعمائها وساقهم الى بابل عام 587 ق.م وشتت سكانها . بالحقيقة لم تمارس هاتان المملكتان استقلالا حقيقيا الا لفترات قصيرة ومتقطعة , وما قصة الارض الموعودة , بعد السبي , سوى ادعاء لا يستند الى اي حقيقة تاريخية . الانبياء وعقيدة التوحيد رافقت هذه الاحداث السياسية نشاطات " الانبياء " العبرانيين . كان هؤلاء رجالا متحمسين للدين , لا تربطهم احيانا اي صلة بديانة زمانهم الرسمية , بل كانوا في الغالب ينتقدونها . من اوائل هؤلاء صموئيل الذي كان كاهنا وعرافا وصانعا للملوك . كذلك ندد "ايليا" وخادمه ورفيقه " اليشع " بأنبياء بعل الكاذبين . وقد تلا هؤلا عدد اخر بين القرنين الثامن والسادس ق.م . ولم تلبث دعوتهم ان دونت خطيا . وعظ عاموس وهوشع في بيت ايل وفي اسرائيل وتنبأ الاثنان للشعب الاسرائيلي بالدمار الكامل . كما وعظ ميخا واشعيا (3) في يهوذا . ونادى هؤلاء الرجال جميعا بوحدانية الله ومطالبته البشر بالسلوك السوي , وهو تعليم يدعى " الوحدانية الخلقية " . وبفضل تأثير هذه الدعوه , اتخذ الملك يوشع عام 621 ق.م سفر "التثنية" اساسا لشرائعه الجديدة , وازال المعابد المنافسة , وحصر العبادة في اورشليم وحدها موطدا فكرة ان اليهود شعب يهوه المختار . وقد ظهر ارميا في اورشلبم قبل سقوطها عام 587 ق.م ينذر بالكارثة المحتومة ويبشر بديانة اكثر باطنية تقوم على عهد جديد مع الله ثم رحل الى مصر . بينما ذهب حزقيال الى بابل وهو يندد بالوثنية . وفي بابل , ومن خلال ضيق اليهود بالاسر , ورغبتهم بالعودة الى فلسطين , ظهرت لدى المتنبئين اليهود فكرة " ارض الميعاد" وان الاله منحها لهم . |
(1) تذهب روايات الكتاب المقدس الى ان العبرانيين تخلصوا من العبودية في مصر ابان القرن الثالث عشر في زمان موسى , بلغت مماكة العبرانيين الذروة اثر استيلائهم على بعض اجزاء من ارض كنعان في القرن الثاني عشر ق.م واحتلال داود ( 1004 ؟ - 963 ق.م ) لاورشليم وتغلبه على الشعوب المجاورة (ا) , انقسمت هذه المملكة بعد وفاة سليمان الى مملكتين صغيرتين , هما بهوذا الى الجنوب واسرائيل الى الشمال (ب) واخذت كلتاهما في التدهور امام الحكم الاشوري (ت)
(2) يقوم المسجد الاقصى عند الصخرة التي يعتقد ان " النبي" محمد عرج منها الى السماء , وهو يقع على جبل صهيون ويبدو حائط المبكى الى جواره . (3) ظهر في التاريخ العبراني عدد من " الانبياء" الذين تحدثوا عن المجتمع الصالح , ونددوا بالممارسة القائمة على النفاق الديني , وعلى غرار اشعيا الذي صوره مايكل انجلو في هذا الرسم , دعا هؤلاء الوعاظ الى الايمان باله واحد عادل ورحيم , وطالب الناس ان يتصفوا بصفات مماثلة . (4) كان هيكل اورشليم الاول , الذي بناه سليمان والذي لم يبق منه الان اثر , مكان مكرسا لايداع تابوت العهد واوعية وقرابين مقدسة اخرى فيه , كانت له ساحة للمصلين . وهو يتألف اصلا من قاعة (1) ومعبد (2) الذي لم يكن يسمح الا لرئيس الكهنة بالدخول اليه , والومخطط المرسوم مجرد رسم تخيلي . (5) كان الفصح , وهو العيد الذي يحيي ذكرى خلاص العبرانيين من السبي في مصر , يفتتح بالنفخ في قرن كبش , وهو اهم عيد عندهم . (6) التوراة او العهد القديم , في النسخ المتداولة اليوم , تحوي الاسفار الخمسة للشريعة , مع اسفار اخرى تتضمن التاريخ اليهودي وبعض المزامير والامثال والاناشيد الدينية , يضاف اليها اخبار وكتابات الانبياء من اشعيا الى زكريا وملاخي ومجموعها 39 سفرا وقد سجلها احبار اليهود بين القرنين 7-2 ق.م , في الصورة نسخة قديمة من التوراة يقال انها تعود الى القرن 18 . (7) يظهر في الرسم شمعدان بسبع شمعات , من النوع الذي كان يستعمل في الهيكل في اورشليم , وجد هذا الشمعدان على قوس طيطس في روما , الذي بني بعد تدمير اورشليم على يد الرومان سنة 70 م . اسير كنعاني يقاد امام فرعون , توجد هذه الصورة في معبد رعمسيس الثالث بمصر . كان الكنعانيون يشبهون العبرانيين من حيث المظهر . اذ كانوا جميعا من الساميين وكان لهم انوف رقيقة وشعر ولحى طويلة . |
السبت، 29 أغسطس 2015
العبرانيون
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق