كشفت الحفريات الجزئية لمدينة اريدو , في جنوبي العراق , عن اولى المستوطنات التي كشفت حتى الان , في بلاد ما بين النهرين , فأيدت التقليد السومري القائل بقدم هذة المدينة , اذ كانوا يعتبرونها اولى المدن الخمس الموجودة قبل الطوفان . اما حقب الاستيطان السابقة لعهد السلالات المالكة , والتي تمتد طوال الالف الرابع ق.م فكانت تسمى باسم المواقع الخاصة بها , وعي تل العبيد واوروك ( الوركاء ) وجمدة نصر .
يبدو ان بعض المساكن الاولى في اريدو كان من اكواخ القصب , وبعضها من بيوت من الطين . وتعاقبت الحقب السابقة للسلالات المالكة , فأنتجت على التوالي الفخار الملون , فمراكب صيد الاسماك , فمقاليع الصيد بالحجارة والفؤوس ذات الرأس الصوانية والمناجل المشوية بالنار , فالكتابة , فدولاب الخزاف , فالمحراث والعربة , فالنحت , فأواني الفضة والنحاس والرصاص .
ظهرت الكتابة في مرحلة اوروك قبل سنة 3000 ق.م بقليل , ولكن ليس ثابتا ما اذا كان السومريون قد جاؤا بها معهم الى تلك البلاد , او انهم كانوا هنالك من قبل , بل الاكيد حتى الان انهم هم الذين اخترعوا هذا الفن .
تشتمل لائحة ملوك سومر على عدد من الملوك الذين جاؤوا قبل الطوفان , مع ان تسلسله الزمني وتاريخهم ليسا معروفين . كذلك , ليس من الثابت ما اذا كان الطوفان المذكور في الكتب السماوية وفي التقليد السومري يتمثل في طبقات الطمي الجرداء الموجودة في اور وكيش وشورباك . وقد اشتهر رجل من شورباك قيل انة نجا من الطوفان وان اسمة زيو سدرا ( واسمة الاصلي اوتو نابشتم ) , وقامت شهرتة على ورود اسمة في ملحمة جلجامش بوصفة الرجل الذي حافظ على بذور الكائنات الحية . لكن كيش هي المدينة التي شهدت " عودة نظام الملوك الى الارض " في حقبة ما بعد الطوفان .
السلالة الحاكمة الاولى في اور
لا نعلم الكثير عن الملوك الاوائل . لكن الزعامة انتهت الى , بعد معركة حاسمة , الى الملك الشهير جلجامش ملك اوروك ( 2 ) , ثم انتقلت , من خلفائة فيها , الى السلالة الاولى في اور . ترقى اسماء بعض الملوك التاريخيين الى هذه الحقبة . وكذلك على الارجح المقبرة الملكية الفخمة .
حفظت هذه المقبرة ومقابر اخرى كنوزا لا تقدر بثمن . من بينها : قيثارات ذهبية , وكنارات عليها رؤوس ثيران , وخنجر ذو غمد مشبك , وامشاط ذهبية وفضية مزينة برسوم ازهار , واكواب ذهبية واقراط ضخمة على شكل مراكب , والوف من المسابح المصنوعة من الذهب والفضة والعقيق , وكثير غيرها , بالاضافة الى راية اور الملكية .
لم تصلنا معلومات موثوق بها تذكر عن تاريخ الحقبة التي تلت السلالة الاولى في اور . اما في مدينة لجش , فقد استهل اورناشي سلسلة الملوك , وتشهد على قوتة عدة مباني ومصنوعات فنية , ونقوش تشتمل على اشارات الشحنات من الخشب قادمة من الخليج العربي , وقد بلغ حفيدة اناتوم مرتبة عليا في سومر وفتح ماري على ضفاف الفرات , وربما سوبور الى الشمال . وقد وطد سلطة لجش ابن اختة انتيمنا .
اما تاريخ باقي اجزاء الحقبة السلالية الباكرة في لجش , بل في سائر بلاد سومر . فهو لا يستند الى بينات وافية , الاان اوروكاجينا ( ملك 2378؟-2371؟ ق.م ) ادخل اصلاحات اجتماعية تدل على نضج سياسي مدهش , كان الغرض من بعضها فيما يبدو تخفيف الاعباء التي كان يفرضها الحكام والكهان على الشعب . وقد غلبه لوغال زاجيزي من مدينة اوما , الذي انهزم بدوره بعد حكم فعال وناجح . امام سرجون الكبير ملك اكاد ( ملك 2371؟-2316 ق.م ) ( 3 ) .
سرجون الكبير , ملك اكاد
خرج سرجون فجأة من الظلمة وسطع اسمة بقهره لوغال زاجيزي واستيلائة على سائر سومر وسوريا وربما جزء من اسيا الصغرى وعلى جزء كبير من المنطقة الجبلية من ايران الجنوبية الغربية . لكن يبدو ان الثورات لم تلبث ان انفجرت بعد ذلك . غير ان حفيده نارام سين حكم حكما مجيدا طيلة 37 سنة . سقطت سلالة سرجون حوالي سنة 2230 ق.م امام هجمات قبائل الجوتيين القادمة من الشمال او الشمال الشرقي . وقد طرد اوتو خيجال هذه القبائل من اوروك . لكن يبدو ان نائبه في اور , واسمه اور-نامو ( 1 ) , غلبه على امره واسس سلالة جديدة في اور .
السلالة الحاكمة الثالثة في اور
لم يتخذ اور- نامو لقب " ملك الاقاليم الاربعة " . بل اتخذ لقبا جديدا هو " ملك سومر واكاد " . كان عهده , الذي امتد 18 عاما , حقبة ثراء ومنعه بارزين , كما يتبين من انجازاته الكثيرة في حقل البناء التي من اهمها اعادة المواصلات المائية المباشرة مع الخليج العربي . ترك لنا اثرا ادبيا في رسائله واناشيده الملكية . وقد ادعى انه كان لاعبا حاذقا على ثماني الات موسيقية . وسع خلفة شولجي ( ملك 2059؟ - 2048؟ ق.م ) ممتلكاته في الشمال الشرقي والشرق , متعاملا مع الجوتيين واحوريين وسواهم .
لكن خليفته الثاني شو - سين ( ملك 2038 ؟- 2030 ؟ ق.م ) واجه خطر الغزو من الغرب . اما ابي - سين ( ملك 2029 ؟- 2006 ؟ ق.م ) فيبدو انه انتصر على اولئك العموريين الذين كانوا بأمرة لشبي - اير من ماري , لكنة شهد بعد ذلك سقوط مدينته امام العيلاميين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق