الأحد، 8 مايو 2016

الاسكندر المقدوني

  ولد الاسكندر , وهو ابن فيليب المقدوني واولومبيا اميرة ابيروس , في بيلا في مقدونيا عام 356 ق.م , وتوفي في بابل عام 323 ق.م . تتلمذ الاسكندر (2) على يد ارسطوطاليس الفيلسوف بين سن الثالثة عشرة والسادسة عشرة واعتلى العرش المقدوني عام 336 ق.م , بعد حادث اغتيال ابيه . وكان فيليب قد قاد فرقة فرسانه , قبل ذلك بسنتين , في معركة خايرونيا , التي وضعت حدا نهائيا لامال اثينا باستعادة زعامتها على بلاد اليونان واعطت السيادة لاولءك اليونانيين الحدوديين : المقدونيين . كذلك سجلت هذه المعركة انتصار الجندي على الخطيب , اذ كان ديموستينوس الخطيب اليوناني ( 383 ؟ - 322 ق.م ) امثر مهاجمي المقدونيين وملكهم عنفا . 
  حماية تخوم مقدونيا 
  في غضون الثلاث عشرة سنة التالية , قيض للاسكندر ان يشيد اعظم امبراطورية عرفها العالم القديم (4) , وكانت تمتد من حدود ليبيا حتى البنجاب . انبثقت عن انتصارات الاسكندر قصص واساطير في جميع لغات اوروبا , بالاضافة الى عدد من لغات اسيا . 
  بعد اعتلاء الاسكندر العرش , زحف جنوبا على اليونان , وفرض سلطة مقدونيا عليها , وحمل التحالف اليوناني على انتخابه قائدا لحملة اسيوية , كان ابوه قد خطط لها . ثم اعلنه كاهن معبد دلفي قائدا لا يقهر . وفي عام 335 ق.م , اتجه نحو الدانوب ليحمي تخوم مقدونيا الشمالية , ولدى انتشار شائعات عن مقتله , اندلعت ثورة في اليونان , بدعم من زعماء اثينيين , فزحف الاسكندر جنوبا , قاطعا مسافة 386 كلم في اسبوعين . ولما استمرت الفتنة , دخل طيبة وقتل 6000 شخص وسبى من تبقى من اهلها , ولم يترك بناء قائما فيها سوى الهياكل , ومنزل بندار ( 522؟ - 440 ق.م) وهو واحد من اعظم الشعراء اليونانيين . ولما اطمأن الى سلامة قاعدته على ارض اليونان , تأهب للحملة التي كان ابوه قد اعد لها . وكان ايضا بحاجة الى اموال بلاد فارس ليسدد ديون والده للجيش المقدوني . 
  الانتصار على داريوس 
  عبر الاسكندر الهليسبونت ( البسفور) عام 334 ق.م على رأس 30000 من المشاة و 5000 فارس , وفرقة من الاختصاصيين . زار طروادة وخاض بالقرب من نهر جرانيكوس معركة فتحت اسيا الصغرى امام قواته , في زحفها نحو الجنوب . ثم هزم دارا , ملك الفرس ( الذي فر تاركا عائلته وراءه ) عند ايسوس (5) عام 333 ق.م , وواصل زحفه حتى مدينة صور التي صدته اول الامر , لكنها سقطت في يوليو عام 332 ق.م . 
  بعد تدمير صور توجه الاسكندر نحو مصر , حيث اسس مدينة الاسكندرية . ولدى زيارته لمعبد امون في واحة سيوه , استقبل استقبال الفرعون , ابن امون , وهو الحدث الذي كان باعث روايات عن اصله الالهي . في عام 332 ق.م , زحف شرقا نحو الفرات , وخاض معركة اخرى في جوجاملا , ولكن دارا تمكن من الهرب ثانية , فقبل الاسكندر استسلام بابل وسوسا مع ثرواتهما , وفي عام 330 ق.م , احتل عاصمة فارس , بيرسيبوليس . عند ذاك اعاد التيسالينيين واليونانيين الى بلادهم , بعد ان قرر على ما يظهر اقامة امبراطورية فارسية مقدونية . وفبما كان يزحغ شرقا , اغتيل دارا . 
  في اعقاب ذلك , زحف الاسكندر على افغانستان وبلاد ما وراء النهر , ليطارد قائدا تمرد عليه , ومن ثم الى سمرقند , والاسكندرية القصوى ( وتعرف اليوم باسم لينيناباد ) . تواصلت الفتن حتى عام 328 ق.م , وهي السنة التي تزوج الاسكندر فيها روكسانا ابنة ملك باكتريا , وكان ذلك الزواج رمزا لوحدة الشرق والغرب . 
  في عام 327 ق.م , قاد جيوشه نحو الهند , فزحف فريق منه عبر ممر خيبر , بينما تقدم الفريق الاخر الذي كان يقودة بنفسه نحو سوات . خاض الاسكندر اخر معاركه عند هيداسبيس ( جهلوم ) (6) , وبعد ان هزم الامير الهندي بورس , رفض رجال الاسكندر التقدم اكثر من ذلك (3) .
  العودة من الشرق 
  لدى عودة الاسكندر الى سوسة , وجد فيها حالة من الفساد والاضهاد فاقدم على حملة عقاب لا هوادة فيها . ثم خطط لتوطين اليونانيين والمقدونيين في اسيا والاسيويين في اوروبا , كجزء من خطته لصهر القارتين في بوتقة واحدة . كذلك قام بتنفيذ مشروع كان اكثر الحاحا في نظره , هو زواجه وزواج هيغايستيون ( وهو اعز صديق له ) من ابنتي دارا , فيما احتفل في الوقت نفسه بزواج ثمانين ضابطا مقدونيا من بنات نبلاء الفرس . 
  كان قد جرى تدريب الجنود الاسيويين على الاساليب العسكرية المقدونية (1) , وسمح لبعضهم لالانضمام الى الجيش , ولبعضهم الاخر بالالتحاق بالخيالة وعين ضباط من الفرس في سلاح الحرس الملكي . في عام 324 ق.م , اعلن الجنود المقدونيون العشرة الاف العصيان , وكانوا قد استاؤوا من السياسة العسكرية الجديدة . فلم يكن من الاسكندر الا ان امر بقتل ثلاثة عشر من قادتهم في الحال , ثم عين المزيد من الفرس والميديين في مراكز مقدونية . 
  وضعت الخطط انذاك لحملة على بلاد العرب , لكن الاسكندر اصيب بالحمى , وفي 13 يونيو 323 ق.م , قضى نحبه ولم يكن قد بلغ الثالثة والثلاثين من العمر . بدأت امبراطوريته بالتفكك في الحال تقريبا , واخذ القادة الاقليميون يطلقون على انفسهم القاب ملوك . 
  





(1) جعل الاسكندر الكتيبة محور نظامه للمعركة (ا) كان القتال يبدأ من اقصى اليمين (ب) , وفي اللحظة المناسبة . كان الاسكندر يقود اعوانه , تدعمهم فرقة الفرسان الخاصة , في هجوم يخترق الثغرة في صفوف العدو (ت) . وعندما كانت تتداعى صفوف العدو , كان يوجه اعوانه نحو الجناح لتخفيف الضغط عن يسار جيشه ووسطه , وعندما كان العدو يأخذ في التراجع , كان الاسكندر يستغل تفوقه بكل قوة . 

(2) يظهر الاسكندر على قطعة النقد هذه مرتديا غطاء الرأس المزين بقرني كبش .

















(3) يفسر الامتداد الواسع لحملات الاسكندر , اثناء 14 سنة , انهيار امبراطوريته السريع اثر وفاته , لم يكن ثمة توطيد للسلطة , كما ان المسافات الشاسعة حالت دون الاندماج الحقيقي .
(4) تروى اسطورة الاسكندر في عدة لغات . بدءا من الانجليزية المتوسطة الى لغات ماليزيا , في شتى انحاء بلدان اوروبا والشرق الاوسط والهند صورته هذه الاساطير بعدة اشكال : كملك بورجوني وفارس ارمني , وامير فارسي . ( امر احد السلاطين في القرن 15 برسم ملامحه على غرار ملامح الاسكندر ) . في هذا الرسم الفارسي (1595- 1596) يطلب اليه بعضهم بان يبقي على المعبودات الوثنية .
(5) هذه الفسيفساء التي وجدت في بومبي ( ايطاليا ) والمأخوذة عن رسم لفيلوكسينوس , تمثل الاسكندر يقود جنده ضد الفرس بقيادة دارا في معركة ايسوس عام 333 ق.م . فر دارا تاركا للمقدونيين ملكته وعائلته , فضلا عن ثروة طائلة . 

(6) كانت معركة هيداسبيس (جلهوم) في البنجاب , التي تظهر هنا على قطعة النقد , من اعظم انتصارات الاسكندر , التي خطط لها وانجزها بمهارة . وقد وسعت رقعة امبراطوريته الى حد كبير . تأثر اسلوبه الحربي تأثرا كبيرا بخوف الحصان الكبيعي من الفيل . بعد المعركة اصبح الحاكم الهندي المهزوم بورس حليفا له , واثناء تلم المعركة مات حصان الاسكندر الشهير بوسيفالوس , فاقيم له مأتم امبراطوري .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق